الثلاثاء، 13 يناير 2009

اتفاق أبوجا ... مرة أخرى (1)

التاريخ الإنساني مرات بمراحل تطور عديدة وكذلك الحال بالنسبة للدولة السودانية التي بدأت تتشكل ملامحها الآن ... منذ الاستقلال وحتى اليوم فشل جميع النخب السياسية السودانية المدنية والعسكرية في بناء الدولة القطرية لجمهورية السودان التي تسع الجميع وتذوب فيع التنوع العرقي والثقافي الثر في بوتقة واحد، وبدلا من أن يكون التنوع إثراء أصبحت نقمة وذلك لسوء إدارة تلك التنوع الثقافي والعرقي والديني من النخب السياسية في المركز لأنهم انتهجوا سياسة فرق تسد للبقاء في السلطة وسرقة ثروات جمهورية السودان من الاستقلال وحتى اليوم، وسياسة فرق تسد طبق في عهد نظام الإنقاذ بصورة صارخة لدرجة إنهم يفرقون بين الرجل وزوجته وهناك شواهد على هذا وليست مبالغة.
منذ اندلاع الثورة في دارفور تم توجيهه كل إمكانات الدولة لتفرقة بين أبناء دارفور وإعلام الإنقاذ تفنن في خلق التسميات العنصرية والجهوية لشراء وبيع الذمم في سوق النخاسة وبأبخس الأثمان ومثالا على ذلك مصطلحات مثل زرقة – عرب – دولة الزغاوة الكبرى – الجنجويد – باشمرقة – تورابورا .... الخ وبهذا المفهوم تمكن الإنقاذ من تقسيم الحركات الثورة في دارفور بهدف إضعاف الموقف التفاوضي ونجح في ذلك بسبب قلة خبرة الثوار ربما، أو رؤساء تلك الحركات لديها طموحات شخصية لذلك آثرت الانزواء خلف مجموعات معينة لتحقيق أهداف ربما يعتقد إنها كافية بالنسبة لهم أو هذا أقصى ما يستطيعون تحقيقه من الأهداف أو لنقل هذه هي طموحاتهم، وهذه هي الخطأ الاستراتيجي التي تم ارتكابه في جميع مراحل التفاوض وذلك باعتراف المهندس/ إبراهيم محمود مادبو – عضو لجنة قسمة السلطة في أبوجا ومشكورا كتب عن هذا الموضوع على حلقات ثلاث وأبان المشهد المزري لمفاوضي الحركات في أبوجا، واتفاق سلام دارفور كانت نتاج هذا الوضع الغير طبيعي وبالتالي المحصلة كانت صفر كبير ولنتناول اتفاق ابوجا حسب ما خطته أقلام المفاوضين أنفسهم.
عند قراءة الاتفاق بإمعان يتولد لديك إحساس بأن القدرات الذاتية السودانية تنادت في تطوير الوثيقة لتصبح صالحة لتطبيق لكن التجربة الإنقاذية مع بقية الاتفاقات يصبح الثقة معدومة وبالتالي تصبح اتفاق ابوجا مجرد حبر على الورق، لكن ما جانب آخر نرى أن جميع نصوص الاتفاق تم نقلها من اتفاقية نيفاشا خصوصا النظرية منها مع بعض التعديلات الطفيفة وأصبحت بذلك مرجعيته مع العلم أن حتى اتفاقية نيفاشا نفسها لا تصلح كأساس لإيجاد المعالجات الناجعة لمشاكل السودان المزمنة لأنها عبارة عن اتفاق بين شريكين لتقاسم السلطة والثروة فقط وهذه أكبر عيوب اتفاقية نيفاشا.

لماذا وقع المؤتمر الوطني على اتفاق ابوجا:
السبب الرئيسي لتوقيع المؤتمر الوطني لاتفاق ابوجا هو توظيفه في الدعاية المبكرة يدخرها للانتخابات القادمة والدليل على ذلك ما قاله رئيس النظام في كسلا وبذلك وهي عبارة عن عملية تسجيل نقاط على بقية الأحزاب السودانية وخاصة حزب الأمة بكل أجنحته لان دارفور يعتبر منطقة نفوذ حزب الأمة ومن جانب آخر ضربة للحركات الثورية أي بمعني أن الحركات تم تقسيمها وأصبحت منشغلة بنفسها وعندما تعيد بناء نفسها وتستعد للانتخابات تكون القطار قد غادرت المحطة، وهذا يظهر أن المؤتمر الوطني ليس تلك الحزب التي تتحمل المسئولية القومية تجاه بلد مثل السودان وفي نفس الوقت يتعامل مع القضايا القومية بعقلية إقصاء الآخر مع التجاهل وهذا هو المقتل التي جاءات بالأجانب إلى السودان ، إذاً هذه هي مربط الجمل على قول الأديب الطيب صالح مع العلم أن الجمل يعقل ولا يربط.

اتفاق سلام دارفور:
في مقال سابق بعنوان ( عندما اغلق المفاوضون الموبايلات ... وتواروا خجلا) وكانت محاولة لاستنطاق الاخوين العزيزين ، المهندس/ عبد الجبار محمود دوسة – كبير المفاوضين ، والمحامي / عبد العزيز سام – المستشار القانوني للحركة والمفاوضين إلا إنهم آثروا الصمت وأنا احترم خياراتهم مهما كانت تلك الخيارات ، أرجو أن يسمحوا لي أن أورد مقطفات من مقالات سابقة لهم تم نشرها للعامة على مواقع انترنت ومنها www.sudanslma.com وهي موقع حركة تحرير السودان و www.sudaneseonline.com و www.sudanile.com .

كتب المهندس/ عبد الجبار محمود دوسة - كبير مفاوضي حركة تحرير السودان في ابوجا مقالة ونوجزها في النقاط التالية:
· اتفاق ابوجا لم تحقق قسمة عادلة في السلطة والثورة لكنها محطة إنذار مبكر.
الإتحاد الافريقي فشل في إدارة مفاوضات تفضي إلى عدالة إجتماعية.
المؤتمر الوطني يجب أن يتحول إلى عنصر قادر على التفاعل وليس على التنافر (استجداء يعني) الجملة بين قوسين من عندي!.
ما تحقق من اتفاق ابوجا لم يحمل من الثورة إلا شعلتها المتقدة وستبقى مارد يستريح والرسالة لا تخطئ عنوانها وستبقى سيفاً أصدق بناءاً من الكتب.
إذاً اتفاق ابوجا نصا ومضموناً لم يحقق قسمة السلطة والثورة بالنسبة لأهل دارفور.
هذا هو رأي كبير المفاوضين في اتفاق ابوجا المسماة (اتفاق سلام دارفور) زورا وبهتاناً ليس لدي تعليق على هذا البوح الصريح.

وكتب الأستاذ/ عبد العزيز سام - المحامي – المستشار القانوني للحركة ومستشار الوفد المفاوض في أبوجا مقالات عديدة نأخذ منها النقاط التالية:
· اتفاق ابوجا تواجه صعوبات جمة أهمها سعي الحكومة للالتفاف عليه ومن ثم بلعه.
الصعوبة الثانية يتمثل في ضمور دور الضامن (الاتحاد الأفريقي) الذي يفتقر إلى الرغبة والمقدرة في القيام بدور المنوط إلى درجة التي تجعل من الصعوبة بمكان التفريق بينه وبين الحكومة!.
وقعت الحركة على اتفاق ابوجا لمقتضياته وظروفه التي ليس من بينها تحقيق الحد الأدنى من المطالب السياسية والاقتصادية لإقليم دارفور! (إذاً لماذا التوقيع من أساسه) الجملة بين قوسين من عندي!.
حركة تحرير السودان لن تكون القربان الذي يذبح على حافة قبر اتفاق ابوجا إذا قدر للاتفاق أن يموت ويقبر.
تعليق:
كلام الأستاذ عبد العزيز خطير جداً ، نبدأ من الفقرة الثالثة ، قال أن اتفاق ابوجا لا يحقق أي مطالب سياسية أو اقتصادية لإقليم دارفور ،إذاً لماذا تم التوقيع عليها؟ السؤال هنا مشروع ونريد إجابة واضحة وصريحة مع إننا لا نشك في نواياهم الحسنة تجاه القضية المركزية ، لكن يجب توضيح كل ملابسات التي صاحبت عملية التوقيع وهل هناك ملاحق سرية؟! وتحدث عن فشل الاتحاد الإفريقي، من جانب آخر وافق المهندس عبد الجبار الرأي نفسه تجاه الاتحاد الافريقي وهذا ليس بجديد لكن التوقيع على تلك الوثيقة كانت بإرادتكم ، البعض يقول أن مني اركو تجاوز المؤسسية ووقع عليها لكن يجب أن يكون معلوم في مثل هكذا الظروف المسئولية جماعية ولا مجال للتهرب من المسئولية، والمحصلة النهائية طبعا موت الاتفاق على الرغم من أن البعض اعتبر الاتفاق لم يخرج من غرفة الإنعاش منذ التوقيع عليه، عندما يكون هذا هو رأي الأخوين في وفد المفاوضات نفهم بان الأخوين غير مقتنعين بالاتفاقية بغض النظر عن الظروف التي أدت إلى التوقيع عليه، وكان الأجدر أن يطلب من السيد/ مني اركو مناوي أن يقدم استقالته من رئاسة الحركة في أبوجا والتنصل من تلك المهزلة المسماة (اتفاق سلام دارفور) وهذا كان رأي شخصيا من يوم 6/5/2006م لكن الكل دفن رأسه في الرمال واليوم بدأ البكاء على اللبن المسكوب ، فارجع وأقول ما قاله الأخ عبد الجبار دوسة (ابوجا لم يحمل من الثورة إلا شعلتها المتقدة وستبقى مارد يستريح والرسالة لا تخطئ عنوانها وستبقى سيفاً أصدق بناءاً من الكتب).

وأضيف: أن الشتاء بداية الصيف .... والظلام بداية نور .... الضربات القوية تكسر الزجاج ، لكنها تصقل الحديد ... ودائما هناك عدالة في السماء تتفوق عدالة البشر ونحن نقبلها.

كلمات مضيئة: القيد بالأغلال أفضل من قيد العقل بأوهام السلام لذلك سميت الثورة في دارفور بحركة تحرير السودان لتحرير العقول، هل تم ذلك؟ أشك في ذلك.
.... ونواصل

بشير يحيى بوش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق