الثلاثاء، 13 يناير 2009

اتفاق أبوجا ... إلى رحمة الله مرة أخرى (2)

(الناس فقدوا كل شيء وأصبحوا فقراء لا يملكون كباية موية) فلماذا لم نقدم لهم العون القانوني ، (هل نجلس متفرجين ونقول هؤلاء ليس لديهم حق التعويضات والحياة الكريمة؟) هذه كلمات للقانوني الضليع الدكتور أمين مكي مدني ، في ندوة هيئة محامي دارفور في الخرطوم، وتناول الاتفاق وشبهها باتفاق نيفاشا من حيث الثنائية وأشار إلى تناسي القوى المسلحة الأخرى في دارفور وقال أن الاتفاق لم تحقق مطالب أهل دارفور ولم تكن بقدر التضحيات الجسام من بداية الأحداث حتى توقيع الاتفاق 5/5/2006م وبالتالي المجتمع الدولي التي ضغطت وأشرفت على هذا الاتفاق ارتكب خطأ تاريخي حيث أن الاتفاق يمكن تعود إلى المربع الأول في أية لحظة وذلك بسبب تصرفات المؤتمر الوطني تجاه هذه الاتفاق، هذه خلاصة رأي خبير قانوني ورجل عمل في أمم المتحدة لفترة وهو وزير سابق في حكومة الدكتور الجزولي دفع الله بعد سقوط نظام مايو أو جعفر النميري كما يسميها البعض!.
هذا يعني أن اتفاق أبوجا يعتبر خطوة أولى نحو إنهاء العنف في إقليم دارفور، لكن لابد من اتخاذ إجراءات قوية ومنسقة إذا ما أريد لها البقاء على قيد الحياة مع يقيني بأنها قد فارقت الحياة حسب تصريحات أحد الرعاة على الاتفاق السيد/ يانك برونك والذي قال قبل أكثر من ستة أشهر على موقعه على الانترنت بأن اتفاق دارفور ولد ميتاَ وقبل أيام خلال تواجده في نيويورك عقد مؤتمرا صحفيا وصرح بان الاتفاق قد مات.
والاتفاق بها عيوب رهيبة وكبيرة لا تخطئها عين كل قارئ بإمعان ، وقد رفضها حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح السيد/ عبد الواحد محمد نور، وحسب القوة على الأرض أن هذان الفصيلان غير مؤثرين في القوة الميدانية، أنما فصيل حركة تحرير السودان المنشق من جناح السيد / مني أركو مناوي ويقودها السيد/ آدم بخيت هي التي تملك زمام الوضع على الأرض وبإمكانها مواجهة قوات ومليشيات الحكومة وهزيمتها ، وهذا ما حدث بالضبط في منطقة كلكل بشمال دارفور بتاريخ 11/9/2006م حيث تمكن من هزيمة ثلاثة ألوية بكامل العدة والعتاد واستولى على عربات وأسلحة ومؤن وأشياء أخرى، مما أدى إلى احتكاكات بين الجيش أنفسهم في القيادة الغربية وعلى أثرها قتل ثلاثة ضباط وحرس والى شمال دارفور وجرح اثني عشرة عسكري وهذا كله حدث داخل مدينة الفاشر، وبالتالي فإن اتفاق أبوجا سبب الكثير من التمزق في المجتمع الدار فوري وأوجد مزيداً من الحركات المسلحة.
والحالة الأمنية في أسوا حالتها لان المؤتمر الوطني لم يلتزم بنزع سلاح الجنجويد والمليشيات التابعة لها بل ودمجت جزء كبير منها في الأجهزة الأمنية، ولسوء الحظ فإن اتفاق أبوجا لا توجد بها ضمانات لتنفيذ الاتفاق وهذا برأي نقص أساسي في الاتفاق، وبعثة الاتفاق الأفريقي تفتقر إلى إمكانيات للقيام بالواجبات المناط إليه وتنفيذ الاتفاق هذه عبء إضافي لا أظن إن الاتحاد الإفريقي على استعداد لتحمله، والنقص الآخر في الاتفاق إغفال دور الأمم المتحدة في تنفيذ الاتفاق، لما لأمم المتحدة من دور في قوات حفظ عمليات السلام ، الأمر الذي جعل المجتمع الدولي تلجأ إلى مجلس الأمن واستصدار القرار 1706 والذي أثار الكثير من الجدل أوساط المؤتمر الوطني وفي النهاية قرروا مواجهة المجتمع الدولي، وهذه الضجة ليست بسبب السيادة المبكى عليها بل السيادة منتهكة من قبل بقرار 1590 و قرار 1593 ، إنما البكاء هنا لان القرار يأتي بشرطة ومحكمة لمحاكمة مجرمي الحرب في دارفور (51) المطلوبين للاهاي! هذا هو السبب الرئيسي لإنفراد المؤتمر الوطني بالقرار الوطني بشأن القوات الدولية في دارفور وذهبوا إلى أكثر من ذلك حين قال إبراهيم أحمد عمر نائب رئيس المؤتمر الوطني بأنهم سوف يجمدون اتفاق نيفاشا إذا لم توافق الحركة الشعبية لتحرير السودان على رأيهم أي برفض دخول القوات الدولية في دارفور، مع العلم أن القوات الدولية في جنوب السودان أيضاً تحت البند السابع والبعثة الأممية في الخرطوم والذي يرأسه يانك برونك أيضا دخل السودان تحت البند السابع ، يعني ذلك أن يانك برونك لديه الصلاحية والحق في دخول غرفة نوم البشير وإذا رفض يحق له استخدام القوة وهذه هي الحقيقة التي تخفيها نظام المؤتمر الوطني عن الشعب السوداني بشعارات للاستهلاك المحلي ( مثل الرقص ، الحلف بالطلاق ، وغيرها من الكلام المخجل الذي صدر من شخص يفترض أن يكون رمزاً للسودان والسودانيين).
وفي سياق الشق الأمني من اتفاق أبوجا تل علينا أحد (أبناء النيل) وزير خارجية مصر ويقول نحمل الثوار في دارفور مسئولية التدهور الأمني، الأخوة أبناء النيل عليكم أن تقولوا خيرا أو أن تصمتوا ، عندما زار دارفور بعض أطباء وصحفيين مصريين قالوا لا توجد انفلات أمني ولا توجد إبادة جماعية ولا توجد تدهور للوضع الإنساني ولا توجد حالات اغتصاب مع العلم أن نظام المؤتمر الوطني قد اعترف جزئياً بجرائمها ، واذكر منهم دكتور/ أبو العينين – مركز الأهرام للدراسات، ويبدو إنه بدون عيون، نقول لأبناء النيل نحن في دارفور تضررنا كثيراً من دعمكم لنظام المؤتمر الوطني، ولكل فعل رد فعل وإن طال الزمن.

لنعود إلى موضوع اتفاق أبوجا:
اتفاق أبوجا يتكون من ثلاث بروتوكولات (السلطة – الثروة – الترتيبات الأمنية) وهناك فصل يدور حوله جدل كثير وهي مسالة الحوار الدار فوري الدار فوري.
الظروف التي تم فيها توقيع اتفاق أبوجا معلومة للجميع إلا أن هناك بعض الجوانب يجب ذكرها، بعد أن فض عبد الواحد محمد نور تنسيق الموقف التفاوضي مع العدل والمساواة وحركة تحرير السودان/ جناح مناوي، يعني ذلك هناك تقارب من نوع ما بين الوفد الحكومي وعبد الواحد محمد نور وحسب التحليلات فإن فض التنسيق كان من باب تقاربه مع الحكومة وقربه من توقيع وثيقة ما وبعدها بأيام أدخله تلك التصرف في خلاف مع مجموعة وأصبح يصارع للبقاء كرئيس لتلك المجموعة، وكان يعني ذلك على الوفد الحكومي البحث عن حليف قوي وكذلك الاتحاد الأفريقي التي تبحث عن انجاز ما على حساب قضية دارفور، وبعدها ذهب (المتشيخ) على عثمان محمد طه إلى بروكسل للاجتماع بالأوربيين والأمريكان والاتحاد الأفريقي وهناك قدم (المتشيخ) تنازلا في أنه يمكن تسليم مهمة الاتحاد الأفريقي في دارفور إلى الأمم المتحدة! في حال تم التوصل إلى اتفاق سلام في دارفور، بل وذهب بنفسه إلى أبوجا ، حيث كان عبد الواحد منشغل بمشاكل تنظيمه ود. خليل إبراهيم كان متشدد بعض الشيء حسب التقارير آنذاك، هنا وجد السيد/ مناوي فرصة ربما لا تتكرر وبصفته قائد أقوى المجموعات الصفة الغير متوفرة في بقية القادة واتسم مواقفه بالمرونة في هذا التوقيت بالذات، لكن للأسف السيد/مني لم يتمكن من استغلال تلك الفرصة لصالحة وذلك عندما طلب منه تقديم طلباته فقط ركز على الجانب الأمني! هل هذه كانت طموحاته؟ أم أن تجاوزه للمؤسسية واعتماده على بعض مقربيه كان سبب النكسة؟ وهل فعلا السيد/ مني كان على إطلاع بالوثيقة التي كانت بين يديه؟! نعلم حجم الضغوط لكن الضغط لا يعني أن ترمي نفسك إلى التهلكة، والذي يحدث في دارفور الآن تهلكة والمسئول الأول والأخير هو السيد/ مني أركو مناوي.
حتى الترتيبات الأمنية التي ادخل عليها تعديلات السيد/ مني من نزع سلاح الجنجويد ، وإدماج قواته في الأجهزة الأمنية ، تمثل أفدح خطأ وقع فيه السيد/مني أركو لان اتفاق أبوجا تفتقر إلى الآليات والضمانات لتنفيذ مثل هذه البنود (نزع سلاح الجنجويد، وعودة اللاجئين ، لان الترتيبات الأمنية بند منفصل ويطلب من جميع الأطراف نزع سلاحها بنفسها!) إذن تعديلا السيد/مني اركو كانت حرث في البحر! وحتى اليوم الجنجويد أكبر مهدد للأمن في دارفور.
أما المطلب الثاني للسيد/ مني أركو كان إدماج جزء من قواته في الأجهزة الأمنية ، في اعتقادي يحمد الله أن تم تعيينه كبير مساعدي الرئيس الراقص وهو المركز الرابع في الدولة كما حددها الدستور الانتقالي وحسب الدستور (مشورة شاغله للرئيس والرئاسة لن تكون ملزمة) يعني وظيفة شرفية على مستوى الدولة ، أما الثوار فنقول لهم عودوا إلى الميدان! وهو يرحب بكم في أي وقت.

التعويضات:
كثيرا تحدث (مكذوب) الخليفة كبير مفاوضي المؤتمر الوطني في مفاوضات أبوجا وقال أن التعويضات مذكورة في الاتفاق وأنكم لم قراؤها!، كانت في البداية مجرد تعريف التعويضات مشكلة عويصة، والبند (10) من إعلان المبادئ ينص على (أن تتخذ خطوات لتعويض سكان دارفور ومعالجة المظالم التي تربت على الخسائر في الأرواح التي فقدت والأصول التي دمرت أو نهبت والمعاناة التي حدثت...) و(مكذوب الخليفة) دائما يخلط بين تمويل إعادة أعمار ودفع التعويضات على الأفراد وهو يقصد هذا الخلط، وبذلك يرى أن تمويل إعادة أعمار يشكل تعويضاً، ونعلم أن المؤتمر الوطني أتخذ قرارا داخليا بأن الاعتراف بالتعويضات الفردية يعني اعتراف ضمني بالجرائم المرتكبة في دارفور ومن هذا الباب رفض المؤتمر الوطني دفع تعويضات فردية بينما الحركة الشعبية لتحرير السودان رفض التعويضات الفردية لأنها لا توجد في اتفاق نيفاشا!!! وتقول المؤتمر الوطني أن مسالة التعويضات تترك للمحاكم! أي محاكم لا ندري! محكمة لاهاي ... أم محكمة المؤلفة قلوبهم (المرضي)، ليكون معلوما للجميع أن التعويضات الفردية لشعب دارفور هو المحك نعم المحك والمفصل وحسب المعايير الدولية لأننا نعتبر أن إنسان دارفور أغلى من نخلة الشايقي! ونعتقد أن (30) مليون دولار المذكور في اتفاق أبوجا لا يساوي شيئا بالمقارنة بالأضرار التي حدثت في الإقليم.

دائما هناك المهم والأهم ، والاهم اليوم هو الوضع الإنساني المتردي حيث المنظمات الإنسانية لا يمكنها توصيل الإغاثة للاجئين في معسكرات اللجوء والسبب انعدام الأمن الطرق غير سالكة والسبب جيش النظام ومليشياته وغير مسموح للتجار بإخراج كميات كبيرة من البضائع إلى أسواق خارج المدن الرئيسية وذلك بحجة أن تلك البضائع تقع في أيدي الثوار وفي نهاية المواطن هو من يدفع الثمن وهذه هي الأمور التي تقلق كل حادب على مصلحة الوطن والمواطن، ولان النظام فشل في توصيل الإغاثة إلى اللاجئين وفشل في توفير الأمن على المواطن في دارفور حتى داخل المدن الرئيسية مثل الفاشر ، نيالا والجنينة.
لا أعتقد أن كل الذين يعارضون اتفاق أبوجا لم يقرؤها كما قالها (مكذوب الخليفة) إنما قراؤها مع السطور وعكس السطور وبتمعن وفهموها جيداً ورأوا أنها لا تلبي شيئاً من مطالبهم العادلة وكما قالها الراقص (البشير) أن مشكلة دارفور بدأت بالجمل المسروق المنحور! ورفض الخرطوم دفع تعويض على قيمة تلك الجمل! أسألكم بعد ثلاث سنوات من التدمير والخراب! هل لديكم عقول تفكرون بها؟! هل لديكم عيون ترون بها؟! وهل تعرفون القراءة كما تطلبون من الآخرين أن يقرؤوا اتفاق أبوجا؟ لا أريد إجابة! تعرفون لماذا؟ لان الإجابة ظاهرة على أرض دارفور وإنسان دارفور.
إن وجود السيد/ مني أركو في القصر الجمهوري لا يحل المشكلة في دارفور ، لان اتفاق أبوجا أصبح يفرق أكثر مما يجمع، وإن دارفور ما لم تكن في موقع اتخاذ قرار سيادي في القصر أو صنع القرار السيادي ونسبة أكبر من الثروة وتعويض أهل دارفور تعويضات فردية عن ما لاقوه من نظام المؤتمر الوطني فإن عملية وصول إلى سلام مستدام في دارفور بعيد المنال وهذا إذا لم ينتقل المشكلة إلى أقاليم أخرى في الشمال.
لتنفيذ أي اتفاق يجب أن يتوفر الثقة بين الأطراف الموقعة على تلك الوثائق ، لكن تصريحات إبراهيم أحمد عمر ، نائب رئيس المؤتمر الوطني التهديد بتجميد اتفاق نيفاشا ، واتخاذ قرار محاربة الأمم المتحدة في أروقة المؤتمر الوطني دون مشاورة الشركاء في السلطة وتصريح السيد/ ياسر عرمان بخصوص إدارة العمليات ضد المظاهرات في الخرطوم مخالف للدستور ، وقال أيضا أن مراقبة الصحف مخالف للدستور! إذن ماذا بقي من اتفاق نيفاشا! وهذا بالنسبة الاتفاق القوي المحروس بالمجتمع الدولي والقرار 1590 الصادر تحت البند السابع ومحروس بالدستور يتم انتهاكه بهذا الشكل الصارخ صباح مساء! ماذا نقول عن وريقات أبوجا.... عليه رحمة الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق