الثلاثاء، 13 يناير 2009

عندما أغلق المفاوضون الموبايلات ... وتوارو خجلا

مدخل: الإدارة والمسئولية الجماعية

من شروط العمل الجماعي أن لا يشعر احد أعضاء الفريق أنه فوق الجميع .... وأنه متميز عن الآخرين بأي شيء.
صحيح أن أي فريق يحتاج إلى قائد ، لكن القيادة لا تعني أن يكون للقائد معاييره الخاصة وأن يوجه الفريق نحو القرارات التي يميل إليها بطريقة غير ديمقراطية ... العمل الجماعي يحقق التكامل بين أفكار أعضاء الفريق وجهودهم مع إعطاء فرصة المشاركة للجميع بطريقة عادلة ... العمل الجماعي معناه الاستفادة من قدرات جميع الأعضاء وجهودهم بمعايير موضوعية لا تتأثر بالعوامل الشخصية ..... في حالة النجاح يحق لأعضاء فريق العمل الافتخار بذلك وفي حالة الفشل لا قدر الله ، في الغالب سوف توجه تهمة التقصير أو أسباب الفشل إلى رئيس الفريق .... وهذا أمر طبيعي وهذا يعني عظم المسؤولية التي يقوم بها رئيس الفريق ... ولكن هذه المسؤولية يفترض أن تعطيه الطاقة التي تساعده على التعامل مع البشر بحيث يحترم عقولهم وقلوبهم لأنه دون ذلك لن يستطيع أن يصل إلى الأهداف المنشودة ... إن رئيس الفريق لا يمكن أن ينجح إذا لم يوفر بيئة عمل يسودها التعاون والبعد عن النزعات والتنافس غير البناء ... أما إذا كان رئيس الفريق نفسه هو الذي يساعد على إيجاد بيئة تصادمية وهو نفسه الذي يعامل الآخرين معاملة غير إنسانية تتسم بالشك وعدم الثقة وعدم التقدير ، إذا كان ذلك كذلك فكيف يمكن للإنسان إن يكون منتجا ... كأن يريد رئيس الفريق أن يُنسب إليه كل النجاحات والفشل إلى غيره ...

تلك كان مدخلاً لكيفية إدارة الازمة جماعيا وفق منهج المؤسسية ... (وهنا اقصد مؤسسية مؤتمر حسكنيته المفترى عليه)... لكن ماذا جرى في أبوجا مايو 2006م ، تفاجأ به كل عضوية حركة تحرير السودان خاصة والسودان عموما بخبر مفاده أن حركة تحرير السودان قبل بمسودة الاتحاد الافريقي ! وفي النشرة التالية خرج علينا رئيس الحركة بتصريح يقول فيه إنهم يوافقون على المسودة لكنهم لم يوقعوا عليها قبل موافقة الحركات الاخرى ؟! رغم إنني من المتابعين لتلك المفاوضات بشكل يومي إن لم يكن بالساعة تعجبت من هذا التصريح الغريب ! ومن رئيس الحركة بحجم حركة تحرير السودان .
ومنذ تلك اللحظة ولمدة ثلاثة أيام متتالية كانت التلفونات لا تكف عن الرنين ولو لحظة واحدة ، والكل كان يستفسر عن بنود الاتفاق وفي تلك اللحظات القاسية عرفت ان شيئا ما قد حدث وتمنيت أن يكون بردا وسلاما على دارفور خاصة والسودان عامة، وحينها ايضا عرفت أن عضوية حركة تحرير السودان منتشرة على جميع قارات العالم وحينها فقط عرفت كم أن السودانيين يحبون بلدهم عامة وابناء دارفور خاصة ، وفي اليوم الثالث تحصلت على نسخة من ( سلام دارفور) من الاتحاد الافريقي ، وهنا اسجل صوت شكر للاخ / نورالدين المازني ، وكانت الكارثة ... وتضرعنا الى الله سبحانه وتعالى أن يحفظ دارفور من زلات أبناءه حيث اتضح أن الوريقة المسماة ( سلام دارفور) لا يساوي ثمن الحبر التي كتبت به ، ولا يلبي الحد الأدنى من المطالب الاساسية المتفق عليه وبالمقارنة مع تضحيات أهل دارفور ، وهنا من قال أن الاتفاق وقع تحت التهديد وخير مثال على ذلك خطاب الاستاذ ابراهيم احمد ابراهيم (المستشار السياسي لرئيس الحركة) لسيد كوفي عنان ، لكن برأي ما كان سجون لاهاي تهديد لانه افضل وانظف من القصر الجمهوري ، لكن عجبي من هذا التهافت ، وعلى ماذا لا أدري؟!.
وبرأي ايضا أذا كان هذا هو طموح الموقعين على هذه المهزلة ، لماذا كانت الحرب من الأساس ولماذا تدمير إنسان دارفور ؟ ومن ثم القبول بفتات الموائد ! أليس كان من الافضل التسول على موائد المؤتمر الوطني منذ البداية.

لعمري ما ضاق بلاد بأهلها *** لكن أحلام الرجال تضيق

ما دعاني الى كتابة هذا المقال وانشاء الله تتبعها مقالات اخرى ، هو ما سطره اقلام الاخوة الذين كانوا يفاوضون في أبوجا وخصوصا المهندس / عبدالجبار دوسة والمحامي / عبدالعزيز سام ... وفيه قدر كبير من الامانة عندما وصفوا (سلام دارفور) بانها لا تحقق مطالب أهل دارفور وفي رأي لا أحد اعلم منهم بباطن تلك الوريقات المسماة (سلام دارفور) لان الاخ عبدالجبار كان يقود وفد الحركة (كبير المفاوضيين ) والاخ عبدالعزيز ( المستشار القانوني للحركة وبالطبع الوفد المفاوض) وهؤلاء بحكم مناصبهم كانوا مطلعين على كل كبيرة وصغيرة ، وربما هناك تفاصيل حتى رئيس الحركة لم يكن على اطلاع بها ، لكن مأخذي على الاخوين دوسة وسام وبقية الاخوة المفاوضين عندما علموا أن الاتفاق قد وقع دون علمهم أو حتى مشاورتهم أغلقوا تلفوناتهم وتواروا خجلا ... لماذا لا ندري! وعندما تحدثنا إليهم قالوا أسالوا الرئيس؟! هل يعني ذلك أن الرئيس إتخذ قرار التوقيع لوحده؟! إذا كان كذلك ، ماذا كان يفعل كل ذلك الجيش الجرار من المفاوضيين في فنادق أبوجا ؟ وهل هم فعلا لا يعلمون تفاصيل الاتفاقية ام انهم يتوارون خجلا من تنوير العضوية بمحتويات الوريقة الموقعة المسماة (سلام دارفور) المهزلة.
يقولون أن زوليك كان يلبس قناع كاوبوي (Cowboy) داخل الغرف المغلقة ! هل تهديد الكاو بوي يكفي لإصلاح من دمرته الحرب اللعينة في دارفور؟ وهل هذه الوريقة الهزيلة يحقق طموحات أهل دارفور؟ وهل كان الوفد المفاوض لديه استراتيجية واضحة المعالم للوصول الى الاهداف المبتغاة من المفاوضات؟ وهل كانت الملفات مرتبة؟.
اذا كان كل شيء على ما يرام حسب إفادات كبير المفاوضين ، لماذا ضرب السيد الرئيس كل ذلك عرض الحائط! ، ونسف كل ما تحقق في جميع جولات المفاوضات وتنازل عنها ووقع على وريقة بيضاء؟ اسئلة تحتاج الى إجابة واضحة وصريحة ما دام الاخوين عبدالجبار وسام فتحوا باب الحديث عن المفاوضات والاتفاقيات.
لان الصمت لا يحل الاشكال الحاصل وكل يوم الامور تتدهور الى الاسوأ وانتم أعلم مني بذلك!.

إضاءة:
حياة كل واحد منا جملة من نجاحات واخفاقات .... واجمل شيء أن يترك الواحد منا الحديث عن نفسه ، ويدع الآخرين يتحدثون عن انجازاته ونجاحاته .. حسنا ... وعن ماذا هو الحديث إذا ... عن الاخفاقات ؟ ربما ! الفشل ليس عيبا ، فهو وقود الانتصارات ...
ف= فرصة تمنحنا اياها الحياة لتسجيل الاعترافات
ش= شهادة
ل= ليس عيبا أن تفشل ... لكن العيب أن تزعم أنك لم تفشل في حياتك!
وايضا ...
الحياة جملة من الاحداث والمواقف ... ومع كل حدث هناك وجهة نظر ... وملامح شخصية تحددها وجهات النظر ... واذا كان تضاد وجهات النظر نقمة ، فان تنوعها نعمة يجب أن نحسن تناولها وإدارتها ... ويقال : إن اختلاف وجهات النظر طبيعه انسانية ينبغي ألا تفسد للود قضية .. قديمة لكننا نرددها دون أن نطبقها على أنفسنا... أرى اننا في بداية الطريق ... كما أرى الود كاد أن يفسد؟!

أحيانا المشاعر الجياشة لا تحتاج إلا إلى عبارات قصيرة ، كما أن بعض الأفكار الخلاقة تحتاج إلى كلمات قليلة للتعبير عنها ... هذه هي لغة السر وفي سر اللغة ... كيف هذا ... لا اعلم ... قليل من الفلسفة.
(ثرثرة) تذكرت اخ عزيز يحب الثرثرة بالتلفون! ... أو لنقل (براي) ولا يقصد بها دوما كثرة الكلام ، بل قد تعني الكلام التي تلقى على عواهنه .. بكل بساطة ... هكذا (ثرثرة) كما يفعله كثيرون من مراهقي الانترنت ... كلام تلقى على عواهنه ... فخذوه انتم أيضا على عواهنه ... بكل رحابة صدر ...

***ونواصل بسلسلة من مقالات باذن الله

بشير يحيى بوش
الرياض
12/8/2006م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق